صدر عن مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة بوجدة العدد المزدوج 8/7 من مجلة قوت القلوب، حول موضوع: التصوف وفقه التحرر.
وتضمن هذا العدد – بعد الاستهلال والافتتاحية- حوارا مع الأستاذ الدكتور محمد الصحري، العضو بالمجلس العلمي الأعلى، حول قضايا وإشكالات تلامس عن قرب الموضوع محور المجلة. إلى جانب ملف العدد، وركن دراسات وأبحاث، وكنوز التراث، وشهادات، ليختم هذا العدد ببسط مختلف أنشطة المركز وإصداراته.
ملخص المقالة:
ظاهرة الانتحال في مناقب الصوفية
انتحال مناقب يِعْزَّى
وِيهْدَى نموذجا
ذكر المختار السوسي أن للشيخ يعزى
ويهدى مذكّرات حياته، وهي أثر مفقود نشر منها مختصرا مبتورا في "المعسول"،
سنذكره فيما سيأتي بـاسم "المناقب". وثنّاها بوثيقة أخرى هي "الهُدى
في أخبار آل يعزى وهْدى" أو "سبيل الهدى في مناقب أيت إعزى وهدى"
تتحدث عن مناقبه وكراماته وعَقِبه من بعده لمَحمد بن سعيد الميرغتي (1089هـ).
كانت النية في بداية المقالة تدقيق
النظر في الصورة التي قدّمها الشيخ عن نفسه، كما نجد مثلا عند ابن عربي الحاتمي وأبي
العباس زرّوق وابن عجيبة والتهامي الوزاني.. وعندما استشرت بعض الباحثين في
الموضوع وجهّوني إلى مصادر ومراجع مهمة يترجم فيها المؤلفون لأنفسهم، منها فضلا
عما ذُكر، كناش زروق. تصفحت كتب: "روح القدس في محاسبة النفس" لابن عربي
الحاتمي، و"فهرسة" ابن عجيبة و"الزاوية" للتهامي الوزاني
و"كنّاش" أبي العباس زروق، فتحول المسار إلى البحث في نسبة المناقب
نفسها إلى الشيخ يعزّى وهدى، ذلك أنني حينما كنت أقرأ هذه المناقب وأعيد، خامرني
شعور بأن الكلام المبثوث فيها سبق لي قراءته في موضع آخر.
راجعتُ أول ما راجعت كنّاش زروق،
ففاجأني التشابه الكبير في بعض الفقرات من الكناش ومن "المناقب"، خصوصا
ما تعلق بمرحلة الطفولة.
عدت إلى البحث في بعض المصادر التي ترجمت لأبي العباس
زروق البَرْنُسي (899هـ) مثل: "رحلة" أبي سالم
العياشي و"سلوة الأنفاس" لمحمد بن جعفر الكتاني و"صفوة ما انتشر"
لمحمد الصغير الإفراني و"طبقات" الحُضيكَي.. فضلا عن مقدمة تحقيق كتابه
"عدّة المريد الصادق"، و"مدوّنة أسا" لمونتاي؛ فبدا لي كأن
الشيخ زروق هو المتحدث في شطر من المناقب مما رجح لديّ أنها منتحلة، خاصة مع وجود
نماذج لهذه الظاهرة، مثل كتاب "جواهر المعاني وبلوغ المعاني في فيض سيدي أبي
العباس التجاني" لعليّ حرازم بن العربي برادة (1214ھ)، المشكوك في انتحاله أجزاء من كتاب "المقصد الأحمد في التعريف
بسيدنا ابن عبد الله أحمد"، لمؤلفه عبد السلام بن الطيب القادري (1110هـ)، حسب رأي أحد الباحثين الذي يرى أنه "يمكننا،
انطلاقا من المقارنة بين كتابي: المقصد المخصص لسيرة ابن معن وكتاب جواهر المعاني
المتعلق بسيرة أحمد التيجاني، أن نستخلص ما يلي: إن قارئ هذين العملين يصعب عليه
أن يقيم تمييزا بين أحمد التيجاني وابن معن، خصوصا من جهة ترحالهما البسيكلوجي
ومعجزاتهما، وعلاقاتهما بواقعهما، وحلولهما العميق الواحد في الآخر. كما أن
الصفحات المنتحلة ما يقرب من 120 صفحة من مجموع 683 صفحة التي تشكل كتاب المقصد، و60 صفحة تقريبا من الجواهر، التي تعالج بشكل خاص الوضع الاعتباري للشيخ أحمد
التيجاني ترتبط بشخصية ابن مَعان إلى حد التطابق.." وأبو العباس سكيرج نفسه
يقر بذلك في قوله:".. بكون جواهر المعاني قد اشتملت على نحو الثلث من المقصد
الأحمد"؛ وقد ناقش
الأمر بتفصيل في كتابه "تيجان الغواني". وفضلا عن الانتحال نجد بعض كتب
المناقب مختلَفا في نسبتها خلال العصر الموحدي.
هذا الأمر يطرح أسئلة كثيرة مثلل: أيمكن أن يكون التشابه
في السيرتين إلى هذا الحدّ؟ لماذا تُنتحل المناقب؟ من قام بهذا الفعل؟ ما موقف
الباحثين والمؤلفين؛ المختار السوسي وغيره؟

تعليقات
إرسال تعليق