من المعلوم أن
التحقيق هو "إخراج نص معين في شكل أقرب إلى الصورة التي تركها مؤلفه اعتمادا
على المقارنة بين النسخ التي بقيت من الكتاب."([1])
وبتعبير آخر هو "بذل غاية الوسع والجهد لإخراج النص التراثي، مطابقا لحقيقة
أصله نسبةً ومتنا، مع حل مشكلاته، وكشف مبهماته."([2])
وقديمًا قال الجاحظ: "ولربَّما أراد مؤلِّفُ الكتاب أن يصلح تصحيفًا، أو
كلمةً ساقطة، فيكون إنشاءُ عشر ورقات من حرِّ اللفظ وشريف المعاني، أيسرَ عليه من
إتمامِ ذلك النقص، حتى يردَّه إلى موضعه من اتصال الكلام."([3]) كما أن التحقيق
ممارسة متوسَّلٌ بها في مجالات عديدة مثل علوم الشريعة والعلوم الإنسانية والعلوم
العقلية، بغية إتاحة نصوص معينة للباحثين والدارسين مصححةً مضبوطة. وهذا هو جوهر
عمل المحقق. فكم من باحث اضطرته إكراهات بحثه إلى السير في مسلك التحقيق، لأن
النصوص المهتمّ بها غير جاهزة لاستثمارها، إما لأنها من المخطوطات المغمورة أو
لتعدد نسخها ورداءتها...، وهو ما أدخل الباحث –راضيا أو مكرها- إلى دائرة التحقيق
خطوةً أولى للدراسة والتحليل والاستنتاج... وهذا صنيع كثير من الباحثين([4])
المغاربة، الذين ولجوا دائرة التحقيق من تخصصات مختلفة، فحققوا نصوصا هامة كانت
إلى عهد قريب في حكم المخطوطات المجهولة أو المنسية أو البعيدة المنال، أو كانت
أشعارا مشتتة في كناشات وتقاييد ودفّات الكتب...، فصنعت الدواوين من أشتات نصوص
أوشكت على الاندثار، ومن هؤلاء المحقق الأستاذ الدكتور اليزيد الراضي.
مشاركتي في ندوة تكريم العلامة د. اليزيد الراضي بتارودانت بموضوع "الدكتور اليزيد الراضي محققا".
مقدمة البحث:

تعليقات
إرسال تعليق