نظمت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) المؤتمر يومي 11 و 12 أكتوبر 2023م بالرباط.
عنوان البحث: مخطوطات كتاب الموسيقى الكبير للفارابي في مكتبات العالم: دراسة كوديكولوجية.
ملخث البحث:
جرت العادة أن لا يلتفت إلى المخطوطات بعد تحقيقها
ونشرها، فيصير المطبوع والحالة هذه ناسخًا للمخطوط. لكن من الناحية العلمية، توجد
في المخطوطات ثروة من القيمة بمكان أو جانب قلّ الاهتمام به بين الباحثين، ذلكم هو
الجانب المادي فيها، وهذا هو مقصد علم حديث هو علم المخطوط أو الكوديكولوجيا Codicology، الذي يعرّفه أحمد شوقي بنبين في قوله "
الكوديكولوجيا هي دراسة كل أثر لا يرتبط بالنص الأساسي وبالتالي
بحث العناصر المادية للمخطوط. وبعبارة أخرى هو علم يبحث في خوارج النص [Ex-libris] كالحواشي، والشروح، والتصحيحات،
والتعليقات، واللَّحَق، والتَّمَلُّكات، والوقفيات، والإجازات، ثم العناصر المادية المتعلقة بصناعة المخطوط من
توريق وترقيم، وتجليد، وتجارة، وما يلي ذلك من تكشيف وفهرسة."[i] وقد تبيّن لي استثمار آليات هذا العلم الحديث نسبيا في
العالم العربي، في التهمّم بتراث أبي نصر الفارابي، الذي غزرت تآليفه وانتشرت
نسخها المخطوطة في مكتبات العالم، ولمّا يلتفت إلى دراستها من الناحية
الكوديكولوجية بآفاقها الواعدة في تجلية جوانب شبه غائبة في الدراسات السابقة عنه.
أما دواعي الاختيار فمنها: أنه من أمهات مصادر الموسيقى عند العرب
وأبكرها، ثم تعدد مخطوطاته في مكتبات العالم ما بين النُّسَخ والقِطَع، واشتمالها
على مادة خام في الجانب المنوّه به، فضلا عن تقاليد نساختها المشرقية والمغربية..
وستسعى الدراسة الكوديكولوجية للمخطوطات إلى محاولة الإجابة عن أسئلة مثل: كيف
وصلت المخطوطات إلى المكتبات العالمية؟ وما طبيعة رِحْلاتها المتعددة قبل
الاستقرار ثمة؟ ما هو تاريخ النص من خلال التقاييد
المكتوبة على طرر المخطوطات..؟ من النسّاخ وما أماكن النسخ وتواريخه؟ ما طبيعة
حواملها المادية من ورق وأحبار وتجليد وزخرفة...؟
ستمكننا
الدراسة من تركيب خلاصات عن تلقي مخطوطات الفارابي في العالم من حيث الجانب
المادي، ومن حيث انتقال أوعية المعرفة بين البلدان من خلال التقييدات في
السَّرْلَوْحَة والظهرية والطرر والحواشي.. ولنعط أمثلة من ذلك في مخطوط مدريد
المكتوب بخط أندلسي خلال القرن الهجري الخامس أو السادس بخط الوزير أبي الحسن بن
أبي كامل نزيل قرطبة، تلميذ وصديق الفيلسوف ابن باجة شارح كتب الفارابي. ثم مخطوط
الأمبروزيانا المملوكي، ثم مخطوط راغب باشا الذي حبلت السَّرْلَوْحَة فيه بقيود
التَّمَلُّك والأختام الدالة على رحلته بين المكتبات.. هذه لمحات من معاينة عجلى
للمخطوطات، فما بالك بالتمعن فيها.
تعليقات
إرسال تعليق